33. Притязающему следует представить доказательствo, а отрицающему...

33 — Передают со слов Ибн ‘Аббаса, да будет доволен Аллах ими обоими, что Посланник Аллаха ﷺ сказал:

«Если людям будут давать (требуемое ими только) на основании их притязаний, то одни обязательно станут покушаться на имущество и жизнь других, (а поэтому) притязающему следует представить доказательствo, а отрицающему — принести клятву» (Этот хадис передали аль-Байхакъи 10/252 и другие в таком виде. Часть из него приводится в обоих «Сахихах». Хафиз Ибн Хаджар назвал иснад хадиса хорошим. См. «Фатхуль-Бари» 5/334).

Ошибка в тексте? Сообщите нам

Арабский текст

٣٣ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: ﴿لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى رِجَالٌ أَمْوَالَ قَوْمٍ وَدِمَاءَهُمْ، لَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ﴾ حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ [في «السنن» 10/252]، وَغَيْرُهُ هَكَذَا، وَبَعْضُهُ فِي «الصَّحِيحَيْنِ».

Комментарии

الشيخ صالح آل الشيخ

هذا الحديث أصل في باب القضاء والبينات والخصومات، قال: عن ابن عباس -رضى الله عنهما- أن رسول الله -ﷺ- قال: ﴿لو يعطى الناس بدعواهم، لادعى رجال أموال قوم ودماءهم﴾.

﴿لو يعطى الناس بدعواهم﴾ يعني أنه لو كانت المسألة في الحكم مبنية على مجرد الدعوى، فإنه سيأتي لأجل البغضاء والشحناء بين الناس، يأتي من يدعي مال غيره، بل، ويدعي دمه، إذا مات بأي طريقة، ادعي أن فلانا هو القاتل. لو أعطي الناس -بمجرد الدعوى، بلا بينة- لحصل خلل كثير في الأمة وفي الناس؛ لأن نفوس الناس مبنية على المشاحَّة وعلى البغضاء وعلى الكراهة، فقد ينتج من ذلك أن يدعي أناس أموال قوم ودماءهم، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ﴿لو يعطى الناس بدعواهم﴾ يعني: بلا بينة على ما ادعوا، لادعى رجال أموال قوم ودماءهم.

وهذا الإدعاء بلا بينة مرفوض؛ ولهذا كان لزاما على المدعي أن يأتي بالبينة، وعقب عليه كتفسير لذلك فقال -عليه الصلاة والسلام- ولكن البينة على المُدَّعي، واليمين على من أنكر، قوله: ﴿البينة على المدعي﴾ البينة اسم لكل ما يبين الحق، ويظهره على الصحيح المختار، فالبينات إذا كثيرة، فالشهود من البينات، والإقرار من البينات، والقرائن الدالة على المسألة من البينات، وفهم القاضي باختبار -أيضا- من البينات، فهم القاضي للمسألة باختبار، يختبر به الخصمين، فيظهر به له وجه الحق هذا من البينات.

فإذن البينات على الصحيح ليست منحصرة في أوجه من أوجه الثبوت، بل هي عامة في كل ما يبين الحق، ويظهره، وهذه تستجد مع الأزمان، وكل زمن له بينات تختلف أيضا، وتزيد عن الزمن الذي قبله، أو تختلف، فلا بد إذن في البينات من رعاية الحال ورعاية البلاد ورعاية أعراف الناس إلى آخره، فإذا تقرر هذا، فالبينة في اللغة: اسم للبيان، وما يبين به الشيء، يقال له: بينة، وأرفع منها البرهان، وأرفع من البرهان الآية، وقد قال -جل وعلا - ﴿مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ﴾.

يعني: ما جئتنا بشيء يبين أنك صادق في ذلك، يعني: في دعوى النبوة، ودعوى الرسالة، وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك، وقال -جل وعلا -: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً﴾ فجعل البينة هي الرسول، وفي الآية الأولى البينة يؤتاها الرسول، فتنوعت البينة؛ لأن البينة اسم لما يظهر الحق، ويدل عليه؛ فلهذا قيل للرسول إنه بينة، وللكتاب إنه بينة، وللشاهد إنه بينة، وهكذا.

فالبينة إذن على التحقيق أنها اسم عام جامع لكل ما يبين الحق، ويظهره، قال: ولكن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر، والعلماء يعبرون عن ذلك بقولهم: البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، وهذا من باب التصرف في العبارة، وذكر -أيضا- وروي -أيضا- في بعض روايات هذا الحديث، وأجمع أهل العلم على ما دل عليه هذا الحديث: من أن البينة على المدعي، وأن المدعي لا تؤخذ دعواه، ولا يلتفت لها من حيث مطالبته بشيء، حتى يأتي ببينة تثبت له هذا الحق.

والمدعِي والمدعَى عليه اختلفت فيهما عبارات أهل العلم، لكن التحقيق فيهما، أو الصواب أن المدعِي من إذا سكت تُرِك، والمدعى عليه من إذا سكت لم يترك، ويعبر طائفة من أهل العلم في كتب الفقه، في القضاء في آخره، عن المدعي والمدعى عليه بالداخل والخارج، المقصود أن المدعي في قوله: ﴿ولكن البينة على المدعي﴾ أن المدعي، هو من إذا سكت عن القضية ترك؛ لأنه هو صاحبها، فيدعي على غيره شيئا، فلو قال: سكت عن هذه الدعوى، ترك إذ لا مطالب له بشيء.

وقد ينقلب المدعي مدعى عليه إذا كان الخصم لا يسكت عنه، فإذا سكت أحد الخصمين، وبسكوته يترك، صار مدعيا، وإذا سكت وبسكوته لم يترك صار مدعى عليه، وقد ينقلب -كما ذكرت لك- المدعي إلى مدعى عليه في بعض الحالات.

قال: ﴿البينة على المدعي﴾ يعني: إذا أتى أحد وقال: أنا أدعي على فلان بأنه أخذ أرضي، أو أخذ سيارتي، أو أنه أخذ من مالي كذا وكذا، أو أني أقرضته كذا وكذا، وأطالبه برده فيقال: أين البينة التي تثبت ذلك؟ هل عندك شهود؟ هذا نوع من البينات، هل عندك ورقة مشهود عليها؟ أو أشباه ذلك تثبت ذلك، ما دليلك، أو ما بينتك على هذا؟

فيأتي بالبينة، فلا ينظر إلى دعواه مجردة حتى يأتي ببينة، هناك بعض الحالات لا يكون ثَمَّ بينة للمدعي، فيتوجه فيها، وهي الأمور المالية، يتوجه فيها اليمين على المدعى عليه، يعني: أنه يقول: هذا خصمي، فيأتي فيقول: هذا ليس له عندي شيء، فهنا ينكر المدعى عليه أحقّيّة المدعي بشيء، ولا بينة للمدعي على ذلك، فيرى القاضي أن تتوجه اليمين إلى المنكر، يعني: إلى المدعى عليه الذي يقول: ليس له عندي شيء.

وهذا معنى قوله: ﴿واليمين على من أنكر﴾ أو اليمين على المدعى عليه، يعني: من أنكر حقا طولب به، ولا بينة ثابتة تدل عليه بينة واضحة، وإنما هناك نوع بينة ولكنها لم تكمل، أو ما يرى القاضي فيه، أن فيه حاجة لطلب اليمين، فإنه تتوجه اليمين للمدعى عليه؛ لأنه منكر.

نفهم من هذا أن المدعي لا يطالب باليمين؛ لأنه هو صاحب الدعوى، فإنما عليه البينة، كذلك المدعى عليه إذا أنكر، فإنما عليه اليمين، ويبرأ طبعا. إذا كان المدعى عليه عنده بينات أخرى فيدلي بها، وتكون بينة أقوى من بينة خصمه.

المقصود من هذا الحديث أن الشريعة جاءت في القضاء بإقامة العدل، وإقامة الحق، وأن هذا إنما يكون باجتماع القرائن والدلائل والبينات على ثبوت الحق لأحد الخصمين، وأن الحاكم لا يحكم بمجرد رأيه ولا يعلمه.

فلا يجوز للحاكم يعني: للقاضي أن يحكم بعلمه، وإنما يحكم بما دلت عليه الدلائل، فلو أتاه رجل من أصدق الناس وأصلحهم وقال أنا عندي، أنا لي على فلان كذا وكذا ولا بينة له، فإنه لا يحكم بعلمه في ذلك، ولو كان هو يعلم بعض ما في المسألة من الأمور، فلا بد من البينة من المدعي، ولا بد من إثبات ذلك فيحكم له، أو اليمين على من أنكر في بعض المسائل.

وقد ثبت في الصحيح أن النبي -ﷺ- قال -في الخصومة وإدلاء كل بحجة - ﴿فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من خصمه، فأقضي له، فإنما أقضي على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه بشيء، فإنما هو قطعة من النار، فليأخذ أو ليدع﴾ فحكم القاضي لا يجعل لمن ليس له الحق، يجعل المسألة حقا له، وهذا عند بعض العامة و الناس يظنون أن القاضي إذا حكم، فمعناه أن من حكم له، فله الحق مطلقا، ولو كان مبطلا في نفس الأمر، وهذا باطل؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- قال هنا: ﴿فمن قضيت له من حق أخيه، فإنما هو قطعة من النار، فليأخذ، أو فليدع﴾ وهذا يعني: أن المرء لا يحصل له الحق بمجرد حكم القاضي، بل لا بد أن يعلم هو أن هذا حق في نفسه، أو أن المسألة مترددة يحتاج فيها إلى حكم القاضي، أما إذا كان مبطلا، فلا يجوز له أن يستحل الأمر بحكم القاضي، فإنما هي قطعة من النار يأخذها، وما أعظم ذلك !. حديث: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده